Wednesday, August 1, 2007

صلاح جاهين: ادب وشعر وفلسفة بالعامية


سيرين الأمين

لأنّي أُؤمن بالعلاقة التوليديّة بين تشكيل الوعي السياسي والفكري والفنّي، ولأنّي أُؤمن بأنّ التحفيز أو التمهيد initiation بالفرنسيّة هو ابن شرارة واحدة فالمسرح مثلا وُلِد من رحم الديمقراطيّة في اليونان... اليكم نبذة عن حياة الشّاعر المصري "صلاح جاهين" يليها باقة من أجمل رباعيّاته
وُلد محمد صلاح الدّين بهجت حلمي المعروف بلقبه الذي اختاره لنفسه: "صلاح جاهين" في حي شُبرا في القاهرة سنة 1930 من أُسْرة متوسطة الحال اذ كان أبوه قاضياً. درس جاهين في جامعة القاهرة وبدأ عمله في مجلة روز اليوسف كرسّام كاريكاتور وانتقل بعدها الى مجلة صباح الخير التي رأس تحريرها و انتهى به المطاف في جريدة الأهرام
ساهم جاهين مع مجموعة شعراء كالأبنودي وفؤاد حدّاد وسيّد حجاب بتطويرمفهوم الشِّعر العامّي في مصر من خلال فرقة شعرية اطلقوا عليها اسم "جماعة ابن عروس"(تيمناً بالشاعر الشعبي "ابن عروس" الذي يعتقد البغض انه شخصيّة خياليّة بينما يقول آخرون انه عاش في مصر في الحقبة العثمانية وكان ينظم "مربعات" اي رباعيات بالعامية
شكّلت ثورة 1952مصدر الهام لجاهين كما انّ هزيمة الـ67 ومن بعدها وفاة عبد النّاصر و استلام الساّدات و "زوّار الفجر" السُلْطة. أطلق جاهين على السادات اسم كلوديوس نسبة لشخصية الأخ البكر في مسرحية هاملت لشيكسبير. غدر كلوديوس بأخيه ملك الدنمارك طمعاً بالعرش و بزوجة أخيه جرترود. وفي هذه الفترة تحديدا، وللاسباب التي سبق وذكرنا، غرق جاهين باكتئاب عميق
لم يكن جاهين رسام كاريكاتور وشاعرا وداعمً للثورة فحسب بل كان كاتب سيناريو ورسّاماً فذّاً وأباً روحيّاً لعدد من الفنانين الشباب كسعاد حسني و أحمد زكي
توفي جاهين سنة 1986 , بعد عودته من "مصح تخسيس " في لندن و يرجح هنا احتمال قرار شاعرنا بانهاء حياته فهو الذي لم يعش خيبات أُمّة فحسب بل عاش خيبات على الصّعيد الشخصي أيضاً وهو الذي كان يردد دائماً: حبيت لكن حب من غير حنان
من أشهر أعماله رباعيّاته ذات البعد الانساني والوجودي والفلسفي والجمالي والسياسي كـ"قصاقيص ورق" (1966) وأنغام سبتمبريّة 1984.

ليه يا حبيبتي ما بينّا دايماً سفر
دة البعد ذنب كبير لا يغتفر
ليه يا حبيبتي ما بينّا دايماً بحور
اعدّي بحر الاقي غيره اتحفر
وعجبي

اقلع غماك يا تور و ارفض تلف
اكسر تروس الساقية و اشتم و تف
قال:بس خطوة كمان وخطوة كمان
يا اوصل نهاية السكة يا البير يجف
وعجبي

النهد زي الفهد نط اندلع
قلبي انهبش بين الضلوع و انخلع
ياللي نهيت البنت عن فعلها
قول للطبيعة كمان تبطل دلع
وعجبي

حدوتة عن جعران و عن خنفسة
اتقابلوا حبوا بعض ساعة مسا
ولا قال لهم حد اختشوا عيب حرام
ولا حد قال دي علاقة متدنسة
وعجبي

ولدي اليك بدل البالون ميت بالون
انفخ و طرقع فيه على كل لون
عساك تشوف بعينك مصير الرجال
المنفوخين في السترة و البنطلون
عجبي

أنا اللي بألأمر المحال اغتوى
شفت القمر نطيت لفوق في الهوا
طلته ما طلتوش ايه انا يهمني
وليه مادام بالنشوة قلبي ارتوى
عجبي

وقفت ساعة الصبح باغسل سناني
قالت لي شايف قوتي و لمعاني؟
ايش تطلب اليوم مني, ضحكة اسد؟
والا ابتسامة اعلانات امريكاني
عجبي

اوقات افوق و يحلّ عني غبايا
واشعر كأني فهمت كل الخبايا
افتح شفايفي عشان اقول الدرر
ما أقولش غير حبة غزل في الصبايا
عجبي

أنـا راجـل فـلـيسوف
أفـكــارى بـالألـوف
كــان ممكـن أبقـى حـاجـة
لـكــن بــس الـظــروف

فى يوم صحيت شاعر براحة و صفا
الهم زال و الحزن راح اختفى.
َخدني العجب و سألت روحي سؤالأ
انا مت؟؟؟ و لا وصلت للفلسفة؟؟؟

سهّير ليالى و ياما لفيت وطفت
وفى ليلة راجع فى الظلام قمت شفت
الخوف كأنه كلب سد الطريق
وكنت عاوز أقتله بس خفت

ولدي نصحتك لما صوتى اتنبح
ماتخافش من جنّي ولا من شبح
وان هب فيك عفريت قتيل اسأله
ما دافعش ليه عن نفسه يوم ما اندبح

ياللى بتبحث عن إله تعبده
بحث الغريق عن أي شىء ينجده
الله جميل وعليم ورحمن رحيم
إحمل صفاته وانت راح توجده

أتمنى أن تكون هذه المقالة باكورة لمقالات أ ُخرى و محفزاً للآخرين ليعرفونا على كبار شعرائنا الذين نحبهم أحياناً دون أن نعرفهم واليكم بعض الاقتراحات : سعيد عقل نزار قباني محمود درويش فؤاد حدّا عبد الرحمن الأبنودي أحمد فؤاد نجم, طلال حيدر جوزيف حرب أدونيس و غيرهم كثر

الى اللقاء اذاً

No comments: