تقدّم القوى السياسية المتصارعة في لبنان الإنتخابات النيابية المقبلة على أنها مصيرية للبنان الكيان والوطن والدولة. وتعمل هذه القوى على شحن مناصريها وتنبيههم الى خطورة ما ستنتهي إليه نتائج هذه الإنتخابات. كما أن الحركة السياسية الداخلية ومصالحاتها باتت محكومة بدورها بالتحضير للإنتخابات النيابية.
ومن إستمرار مناخ المصالحات والتهدئة بين القوى في الشارع الإسلامي، وعقد اللقاء المتأخر بين السيد حسن نصرالله والنائب سعد الحريري، الى صعود وهبوط بورصة المصالحة في الشارع المسيحي، مروراً بإثارة مسألة صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء، وصولاً الى الجدل حول توسيع دائرة المشاركين في طاولة الحوار برعاية رئيس الجمهورية، يعمل جميع الفرقاء على تحسين شروطهم بانتظار المرحلة القادمة. وهي مرحلة فيها انتخابات رئاسية أميركية، ودعوة الى إنتخابات نيابية مبكرة في إسرائيل، وإنتخابات رئاسية في إيران، لها جميعها انعكاس على لبنان ومضاعفات على المنطقة بأسرها.
في الوقت عينه، تعمل القوى الخارجية الفاعلة محلياً على طرح أوراقها مواكبةً الإعداد للإنتخابات النيابية اللبنانية، ومتجاوزة ذلك نحو ملفّات متعدّدة.
فنرى سوريا توجّه عدة رسائل الى المجتمعين العربي والدولي لإعادة تلميع دورها في لبنان من خلال القبول بإقامة علاقات دبلوماسية (بتأخير 65 سنة!)، وإعلان إستعدادها لتطبيق قرار الأمم المتحدة 1701 ومواجهة الإرهاب، في نفس الوقت الذي تحشد فيه قوى عسكرية على الحدود مع لبنان. ونرى إيران تستقبل ميشال عون للإشارة بأن حدود نفوذها لبنانياً صارت تتعدى الطائفة الشيعية ودور حزب الله. في المقابل، نشهد إعادة تنشيط للدور المصري من خلال زيارات لمسؤولين مصريين الى بيروت، وتوجيه الدعوات الى شخصيات سياسية ودينية لزيارة مصر، وذلك لموازنة الدور السوري، وعدم ترك الدور السعودي وحيداً في مواجهته. ويضاف الى كل ذلك، ظهور اهتمام متأخّر للولايات المتحدة بتسليح الجيش اللبناني.
مما لا شكّ فيه أن الإنتخابات النيابية اللبنانية المقبلة تكتسي أهمية كبيرة، وخاصة لجهة قياس حجم القوى السياسية، ومدى تمثيلها لشارعها. إنما القول بأن هذه الإنتخابات، بحدّ ذاتها، ستقرر مصير الأوضاع في لبنان برمتها، ففيه الكثير من التضخيم والتهويل، ويقع ضمن الدعاية للحملة الإنتخابية التي لم تفتتح رسمياً بعد (إلاّ من خلال الخدمات وتزفيت الطرقات التي تنشط مع كل إقتراب لموعد الإقتراع) !
إن نتائج الإنتخابات النيابية المقبلة في لبنان هي شبه محددة مسبقاً من يوم إقرار قانون العام 1960، في مؤتمر الدوحة، ومن ثم في المجلس النيابي. فهذا القانون الذي يحدّد القضاء دائرة إنتخابية ويعتمد النظام الأكثري في التمثيل، لن يحمل على الأرجح تبدّلات دراماتيكية في الإنتخابات، كما تشير أكثر الدراسات. والغلبة الطائفية والسياسية في أكثر الدوائر الإنتخابية ستعيد إنتاج معظم الطاقم السياسي القائم، مع بعض الرتوش والتغييرات الطفيفة. وإعادة تشكيل الأكثرية والأقلية ستحدده بضعة مقاعد جلّها في الدوائر المسيحية .
ومهما تكن نتائج الإنتخابات، فإن الطابع الطائفي للتوازن الإنتخابي وما يسمّى بالديمقراطية التوافقية، كفيل بشطب مفاعيل النتائج بين أكثرية وأقلية، كما حصل في السابق. كما أن التفكك والإنقسام السياسي الداخلي على أساس طائفي، والصراع حول موقع لبنان ودوره في المنطقة، وتوازن القوى فيه واندماجها بمحاور الصراع الخارجي، جميعها تجعل من الإنتخابات النيابية المقبلة محدودة التأثير في تقرير مصير الأوضاع في لبنان. وهذا ما رأيناه بعد نتائج إنتخابات 2005 .
إن التوازن الدولي والإقليمي حول لبنان، في ظل ظروف الإنقسام الداخلي التي يعيشها، هو الذي سيقرر فعلياً مصير الأوضاع في لبنان. أما وظيفة الإنتخابات النيابية المقبلة ونتائجها، فهي تحديد الأحجام، التي تتم على أساسها المحاصصة، وإستقبال نتائج التوازن الدولي والإقليمي، وتوظيفها داخلياً والإستقواء بها. من هنا تترقب القوى السياسية اللبنانية التطورات والمتغيرات الخارجية بصفتها العامل المرجّح لمسار الأوضاع في لبنان.
إن القوى الديمقراطية والعلمانية لا يمكن لها أن تدير ظهرها للإنتخابات النيابية، رغم ما يعتري الأخيرة من تشوّهات في القانون الذي تجري على أساسه، وعلى الأخصّ في عدم إعتماد النسبية. وهي لا يمكن لها الاّ أن تكون الى جانب الداعين لإستقلال لبنان. على أن يترافق انخراطها في المعركة الانتخابية مع طرحها الصريح لبنود البرنامج الإصلاحي المطلوب لبناء الدولة الحديثة، وتنظيمها الحملات الإعلامية لإيصال هذا البرنامج الى الناس، إن على الصعد السياسية أو الإدارية أو القضائية أو الاقتصادية، بهدف إخراج المؤسسات من منطق المحاصصة الطائفية الى منطق المدنية والديمقراطية المواطنية.
ومن إستمرار مناخ المصالحات والتهدئة بين القوى في الشارع الإسلامي، وعقد اللقاء المتأخر بين السيد حسن نصرالله والنائب سعد الحريري، الى صعود وهبوط بورصة المصالحة في الشارع المسيحي، مروراً بإثارة مسألة صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء، وصولاً الى الجدل حول توسيع دائرة المشاركين في طاولة الحوار برعاية رئيس الجمهورية، يعمل جميع الفرقاء على تحسين شروطهم بانتظار المرحلة القادمة. وهي مرحلة فيها انتخابات رئاسية أميركية، ودعوة الى إنتخابات نيابية مبكرة في إسرائيل، وإنتخابات رئاسية في إيران، لها جميعها انعكاس على لبنان ومضاعفات على المنطقة بأسرها.
في الوقت عينه، تعمل القوى الخارجية الفاعلة محلياً على طرح أوراقها مواكبةً الإعداد للإنتخابات النيابية اللبنانية، ومتجاوزة ذلك نحو ملفّات متعدّدة.
فنرى سوريا توجّه عدة رسائل الى المجتمعين العربي والدولي لإعادة تلميع دورها في لبنان من خلال القبول بإقامة علاقات دبلوماسية (بتأخير 65 سنة!)، وإعلان إستعدادها لتطبيق قرار الأمم المتحدة 1701 ومواجهة الإرهاب، في نفس الوقت الذي تحشد فيه قوى عسكرية على الحدود مع لبنان. ونرى إيران تستقبل ميشال عون للإشارة بأن حدود نفوذها لبنانياً صارت تتعدى الطائفة الشيعية ودور حزب الله. في المقابل، نشهد إعادة تنشيط للدور المصري من خلال زيارات لمسؤولين مصريين الى بيروت، وتوجيه الدعوات الى شخصيات سياسية ودينية لزيارة مصر، وذلك لموازنة الدور السوري، وعدم ترك الدور السعودي وحيداً في مواجهته. ويضاف الى كل ذلك، ظهور اهتمام متأخّر للولايات المتحدة بتسليح الجيش اللبناني.
مما لا شكّ فيه أن الإنتخابات النيابية اللبنانية المقبلة تكتسي أهمية كبيرة، وخاصة لجهة قياس حجم القوى السياسية، ومدى تمثيلها لشارعها. إنما القول بأن هذه الإنتخابات، بحدّ ذاتها، ستقرر مصير الأوضاع في لبنان برمتها، ففيه الكثير من التضخيم والتهويل، ويقع ضمن الدعاية للحملة الإنتخابية التي لم تفتتح رسمياً بعد (إلاّ من خلال الخدمات وتزفيت الطرقات التي تنشط مع كل إقتراب لموعد الإقتراع) !
إن نتائج الإنتخابات النيابية المقبلة في لبنان هي شبه محددة مسبقاً من يوم إقرار قانون العام 1960، في مؤتمر الدوحة، ومن ثم في المجلس النيابي. فهذا القانون الذي يحدّد القضاء دائرة إنتخابية ويعتمد النظام الأكثري في التمثيل، لن يحمل على الأرجح تبدّلات دراماتيكية في الإنتخابات، كما تشير أكثر الدراسات. والغلبة الطائفية والسياسية في أكثر الدوائر الإنتخابية ستعيد إنتاج معظم الطاقم السياسي القائم، مع بعض الرتوش والتغييرات الطفيفة. وإعادة تشكيل الأكثرية والأقلية ستحدده بضعة مقاعد جلّها في الدوائر المسيحية .
ومهما تكن نتائج الإنتخابات، فإن الطابع الطائفي للتوازن الإنتخابي وما يسمّى بالديمقراطية التوافقية، كفيل بشطب مفاعيل النتائج بين أكثرية وأقلية، كما حصل في السابق. كما أن التفكك والإنقسام السياسي الداخلي على أساس طائفي، والصراع حول موقع لبنان ودوره في المنطقة، وتوازن القوى فيه واندماجها بمحاور الصراع الخارجي، جميعها تجعل من الإنتخابات النيابية المقبلة محدودة التأثير في تقرير مصير الأوضاع في لبنان. وهذا ما رأيناه بعد نتائج إنتخابات 2005 .
إن التوازن الدولي والإقليمي حول لبنان، في ظل ظروف الإنقسام الداخلي التي يعيشها، هو الذي سيقرر فعلياً مصير الأوضاع في لبنان. أما وظيفة الإنتخابات النيابية المقبلة ونتائجها، فهي تحديد الأحجام، التي تتم على أساسها المحاصصة، وإستقبال نتائج التوازن الدولي والإقليمي، وتوظيفها داخلياً والإستقواء بها. من هنا تترقب القوى السياسية اللبنانية التطورات والمتغيرات الخارجية بصفتها العامل المرجّح لمسار الأوضاع في لبنان.
إن القوى الديمقراطية والعلمانية لا يمكن لها أن تدير ظهرها للإنتخابات النيابية، رغم ما يعتري الأخيرة من تشوّهات في القانون الذي تجري على أساسه، وعلى الأخصّ في عدم إعتماد النسبية. وهي لا يمكن لها الاّ أن تكون الى جانب الداعين لإستقلال لبنان. على أن يترافق انخراطها في المعركة الانتخابية مع طرحها الصريح لبنود البرنامج الإصلاحي المطلوب لبناء الدولة الحديثة، وتنظيمها الحملات الإعلامية لإيصال هذا البرنامج الى الناس، إن على الصعد السياسية أو الإدارية أو القضائية أو الاقتصادية، بهدف إخراج المؤسسات من منطق المحاصصة الطائفية الى منطق المدنية والديمقراطية المواطنية.
1 comment:
emm... attractive text..
Post a Comment