Friday, September 21, 2007

رأس السنة العبرية:ديموقـراطـيــة إســـرائـيــل
ديـكتـاتـوريـــــة العــرب



احتفلت اسرائيل بعيد رأس السنة العبرية الذي صادف يوم الخميس 13/9/2007 وكالعادة، تقوم الصحافة بمسح شامل، سياسي واقتصادي وثقافي وأمني. وفي الحقيقة فان اجهزة الاعلام، الصحافة والاذاعة والتلفزيون تقوم بمراجعة عميقة لكل جوانب الحياة في الدولة العبرية.هناك اتفاق بين كل وسائل الاعلام، اليمينية واليسارية والمستقلة، ان السنة المنتهية كانت سنة جيدة اقتصادياً. زاد الانتاج القومي عموماً، وتقلصت البطالة.

ولكن في المقابل فان كل ولد ثالث في الدولة هو تحت "خط الفقر"، كما ان هناك اكثر من مليون انسان تحت خط الفقر، "جياع عملياً". ولكن هذا لا يلغي حقيقة أن الصناعة في اسرائيل تقدمت، كما كانت طفرة قوية في الصادرات الى الخارج. وللمناسبة، فإن اسرائيل تصدر الى العالم العربي (نعم لم نغلط، العالم العربي) بضائع بقيمة ثمانية مليارات دولارات سنوياً وهذا حسب البيانات الرسمية.اما الامر المثير حقاً، فهو الهزة العميقة التي جرت في اسرائيل في السنة العبرية الماضية. فقد ثارت الفضائح الجنسية لرئيس الدولة السابق موشيه كاتساف وهو يستعد للمحاكمات. كذلك استقال / أقيل وزير الدفاع عمير بيريتس والقائد العام للجيش الجنرال دان حالوتس وأقيل عدد كبير من القادة العسكريين البارزين وعُيّن اشخاص عسكريون بدلاً منهم. وفي حزب العمل أسقط بيريتس من رئاسة الحزب وانتخب بدلاً منه أيهود باراك الذي عين وزيراً للدفاع.ان حكومة ايهود اولمرت هي اضعف حكومة عرفتها اسرائيل واكثر من 80 في المئة يعلنون في الاستطلاعات عدم رضاهم عنها ورغبتهم في استبدال رئيس الحكومة. وغالب الظن ان يتنافس على زعامة اسرائيل في الانتخابات المقبلة بنيامين نتنياهو (الليكود) وإيهود باراك (العمل).ان اسرائيل التي هي في حالة حرب حقيقية مع "حماس" في قطاع غزة ومع "حزب الله" في لبنان وفي حالة توتر عسكري مع سوريا، هي دولة فيها عدد كبير من الاحزاب وصراعات حادة في البرلمان، كما ان الصحافة تجلد رئيس الحكومة يومياً وسوف تحقق الشرطة معه قريباً بتهمة الفساد والرشوة وما شابه.في اسرائيل فساد في القمة كما في كل دولة، ولكن بفضل الديموقراطية، هناك صراع شعبي – إعلامي ضد الفساد، وأقطاب النظام يقدمون الى المحاكم، وليست هناك اية "لحية ممشطة" كما يقول المثل الشعبي القديم.إسرائيل، منذ قيامها عام 1948 الى الآن في حالة حرب مستمرة مع العالم العربي، ومع هذا تمارس حياة ديموقراطية وتعددية حزبية. مقابل ذلك كان العالم العربي، على مدار نصف قرن يتذرع بالحاجة الى "الوحدة الوطنية" لمجابهة العدو، ولذلك منع التعددية الحزبية ومنع حرية الصحافة، والاعلام كله رسمي ممثل يخفي عن الشعب كل الحقائق السلبية في ما يتعلق بالنظام وبالأمن.إننا نقول بمرارة وألم، ان النظام الديموقراطي (مع كل عاهاته) في اسرائيل كان مصدر قوة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، بينما النظام الديكتاتوري، الطائفي، العشائري في الدول العربية كان مصدر ضعف للعرب اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً. في العالم العربي لا تكشف اي فضيحة "فساد اقتصادي"، لأن النظام الحاكم "القادر على كل شيء" الذي يتعامل مع الشعب كرعايا او اسرى، لا يمكن ان يكشف فضائحه. واخيراً سمعنا في الاعلام ان اربعة صحافيين بارزين في مصر ذهبوا الى السجن لسنة كاملة لأنهم "شككوا في الوضع الصحي لرئيس الجمهورية"!لقد كان العرب، خلال عقود طويلة، ممنوعين من الكلام النقدي او حتى التساؤل حول الوضع العربي وفي المقابل كانت كل محاولة لرؤية ما يحدث داخل اسرائيل بموضوعية تبدو وكأنها "تمجيد للعدو الصهيوني".الآن، كل هذا تهاوى. ونحن العرب، داخل اسرائيل الذين ننتقد النظام العربي ونقر بوجود الديموقراطية السياسية في اسرائيل من أشد المعارضين والمناضلين ضد النظام السياسي في اسرائيل بكل موبقاته، سواء تجاه الشعب الفلسطيني او في المضمار السياسي الحزبي العام.ولكننا نريد ان نطرح مسألة هي في غاية الأهمية، بل مصيرية للعالم العربي. إن استمرار الديكتاتورية هو نقطة ضعف لا نقطة مناعة، والديكتاتورية من غير الممكن ان تعبىء الشعب. وفي ظل الديكتاتورية لا يشعر الشعب بالسيادة، وفي ظل الديكتاتورية من غير الممكن القيام بنهضة علمية واقتصادية. لذلك من السخف والتضليل ادعاء الأنظمة العربية بأن من ينتقد النظام العربي الديكتاتوري "ليس وطنياً" او "يساعد العدو الصهيوني".ان الثورة الديموقراطية الحقيقية، القائمة على سيادة الشعب وفوقية الدستور والقانون والتعددية الحزبية وحرية الرأي – هي ما يخلق شعباً شجاعاً وواعياً ودولة قوية وجيشاً قوياً واقتصاداً قوياً ونهضة علمية واكاديمية وحياة ثقافية وادبية تجسد ابداع الشعب.والأنظمة التي تخنق ارادة الشعب ليست حريصة على "الوحدة الوطنية لمقاومة العدو" بل هي حريصة على مواصلة سرقة خيرات الوطن وخنق انفاس الشعب. ان الأنظمة التي تستأسد على شعوبنا العربية هي نعامة ذليلة امام السياسة الاميركية والغربية عموماً.


سالم جبران – الناصرة

The Article is taken from http://www.annahar.com/
21/09/07
The Image is taken from http://www.tadamon.resist.ca/


No comments: