Friday, April 24, 2009

وليد جنبلاط والجنس العاطل

وائل عبد الرحيم


أخطأ البيك وليد جنبلاط بكلامه الذي تطرق فيه (مسيئاً) إلى إحدى الطوائف الكريمة في البلاد (الموارنة)، فوصفهم بـ"الجنس العاطل" في معرض حديثه عن تصرف مسيحيّي 14 آذار الانتخابي، وبالغ في الخطأ متهماً طائفة كريمة اخرى (السنّة) بالجبن.
أخطأ البيك، وكما يقال في بلد الشطارة والحذاقة، لبنان، "غلطة الشاطر بألف".
وأخطأ جنبلاط في تبريره "نقلته النوعية" من صفوف 14 آذار إلى استقلالية اكثر تمنحه هامش مناورة اوسع في خياراته السياسية خصوصاً بعد الاستحقاق الانتخابي الذي يخوضه متحالفاً على مضض على ما يبدو مع سائر مكونات 14 آذار.
إذا أردنا ان نعدّد اخطاء وليد جنبلاط بحقّ لبنان، فهي كثيرة جداً.. ليس أقلها انقلابه على تراث الحركة الوطنية اللبنانية ومشروعها منذ أن حطّت عباءة الدروز على كتفيه بعدما اغتال الجيش السوري الغازي "أحلام التغيير" في حرب السنتين (رغم الكوابيس التي رافقت هذه الأحلام).
لكن خطأ جنبلاط هو جزء من أخطاء "الوطن المزرعة" بحق أهاليه وساكنيه. هو خطأ بالمعنى المقبول في بلد الطوائف.
أقلنا ثقافة أو تعلّماً، إن أراد ان يقرأ كلام جنبلاط، سيدرك ان البيك المتزوج من "سنيّة" – خارقاً بذلك أكثر تقاليد طائفة الموحّدين الدروز تشدّداً -، والذي زوّج بكره ووريث زعامته تيمور (بيك أيضاً) لـ"شيعيّة"، كان يتحدث بالمعنى السياسي وليس بالمعنى العنصري. وإن كان في كلامه ما يثير الاشمئزاز فهو وقاحته في تفسير نقلاته وتحولاته حتى لو كانت هذه النقلات مبرّرة بمعايير مصلحة الطائفة الكريمة.
وإذ هو يتحدث عن رغبة قادة الطوائف الاخرين من سنّة ومسيحيين برؤية الاقتتال الدرزي الشيعي، نسي او تناسى أنه بمواقفه المتشنجة والداعية إلى الحسم في أكثر من مفصل كان الأكثر دفعاً نحو الاقتتال الأهلي، حتى قيل إن البيك الجنبلاطي يريد ان يحارب الشيعة بالدماء السنيّة في بيروت.
المؤلم في كلّ هذا تلك التبعية المطلقة التي يمنحها مواطنون لبنانيون، اتباع الطائفة الكريمة، إلى البيك في كل ما يقوله وما يفعله، تماماً كما يدين معظم أبناء الطوائف في لبنان بالولاء لسادتهم مهما فعلوا ومهما ارتكبوا من جرائم بحق سكان هذا البلد الجميل.
وما يثير الاشمئزاز اكثر من كلام جنبلاط هو التذكير بالحرب الأهلية من قبل صنّاعها الذين لا يأنفون الحديث عن ذبح الدروز للمسيحيين في الجبل خلال حرب الجبل، مرفقين هكذا تصريحات بإعطاء لقب شهيد لبشير الجميّل الذي أشرف على عملية الذبح الطائفي بالسلاح الأبيض في أول مجزرة جماعية شهدتها الحرب الأهلية في لبنان (السبت الأسود)، في اليوم نفسه الذي كان فيه والده الشيخ بيار يجري محادثات الإجهاز على الحركة الوطنية في دمشق مع حافظ الأسد.
من السهل جداً التذكير بالحرب الأهلية وبكمية الإجرام التي ارتكبها وضيعون نصّبناهم نحن مجتمع الطوائف أبطالاً وقديسين. من بين هؤلاء يا عاشقي صرخات الحرب المجنونة وليد جنبلاط وبشير الجميّل وغيرهم الكثيرون.
هؤلاء الذين يخرجون على منطق الحساب والمحاسبة لمجرّد ان الجماهير المُثارة تمنحهم حصانتها.
هذا بعض من خلاصة ما تفوّه به بيك المختارة المسكون بهاجس الانتقام لجدّه الأكبر الشيخ بشير جنبلاط، وبعض من خلاصة الردود عليه التي استحضرت فانتازيا الإجرام الحربي في همروجة الاحقاد الطائفية التي يشهدها هذا البلد..
إننا فعلاً إزاء "جنس عاطل".

No comments: