حفلة الجنون التي انطلقت في العالم بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001، لم تقتصر طبعاً على سلسلة الحروب المنهجية التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية على عدد من دول العالم، أو على تصنيفها أمم العالم وحكوماته بين دول محور شرّ واخرى خيّرة وما بين ذلك وفقاً لتجاوب هذه الحكومات مع الأجندة الأميركية، بل تعدّت ذلك إلى تشديد قاس للرقابة على الحريات الفردية والسياسية في العالم، بدءاً بأميركا نفسها مروراً بدول الاتحاد الأوروبي وصولاً إلى الدول المسمّاة نامية.
هذا ما أنتج عشرات قوانين مكافحة الإرهاب وتعديلاتها التي كانت نتيجتها الاولى تراجعاً في الحريات العامة وإدخال الرقابة إلى مجمل دوائر العمل العام وحتى الحياة الخاصة للمواطنين.
وبالحديث عن الولايات المتحدة وقوانين مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي ولوائح المشتبه بهم التي تضمّ مئات آلاف الأشخاص الذين لم يصدر بحقهم حكم واحد يدينهم او يجرّمهم بل هم مجرد مشتبه بهم، فقد استطاعت إدارة الرئيس السابق جورج بوش ان تحوّل هذا البلد إلى سجن كبير مراقب بشكل محكم.
تكفي الإشارة إلى لائحة المراقبة التي تعدّها إدارة امن النقل في الولايات المتحدة الأميركية Transportation Security Administration TSA والتي تثير جدلاً في الأوساط الأميركية ولا سيما الصحافية وبين جماعات حقوق الإنسان والحريات المدنية.
فهذه اللائحة السابقة على احداث 11 سبتمبر تضخمت بعد هذا التاريخ وانطلاق "الحرب على الإرهاب" لتشمل اكثر من مليون شخص داخل وخارج الولايات المتحدة بمعدل زيادة 20 الف اسم شهرياً. _تضخمت اللائحة من 158 ألف في العام 2004 إلى 754 ألف في مايو / ايار من العام الماضي – USA Today-. وفي حين ان الـ FBI ومسؤولين حكوميين يقولون إنها تضم فقط 400 الف اسم بل إن مسؤولاً في TSA هو كيب هاولي يقول إنها لا تضم أكثر من 50 الفاً، إلا ان القضية تبقى المعايير التي يتم على اساسها إدارج الأسماء والتي اقل إجراء متخذ هو منعها من السفر او ركوب الطائرات. وتُتخذ هذه الإجراءات دون أي مذكرات اتهام يوجّهها القضاء بل عبر اقنية امنية بحتة. وغالباً ما يتم إدراج اسماء مرموقة على هذه اللائحة.
هذا غيض من فيض في اميركا لكنه يشير إلى الاتجاه الذي كان طاغياً في المرحلة السابقة، والذي لن ينهيه قرار باراك اوباما إغلاق معتقل غوانتنامو على اهمية هذا القرار.
وفي اوروبا، ليست الصورة بأفضل كثيراً، فقد سبق لمحكمة العدل الأوروبية أن وجّهت تحذيرا للاتحاد الأوروبي لتجاهله كفالة حقوق المتهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب وحرمانهم من حق الدفاع عن أنفسهم. وقررت المحكمة أن المتهمين الواردة أسماؤهم في اللائحة السوداء للأمم المتحدة، لهم حق الاستئناف لنقض الحكم أمام محكمة أوروبية. كذلك صدر تقرير عن مركز شاتهام يشير إلى انه أنه ومنذ 6 سنوات وحتى الان لم تنجح الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي في إرساء معايير مشتركة ومقبولة وعادلة للتعامل مع المشتبه بتورطهم في الإرهاب. ويشير التقرير إلى ان الاتحاد الأوروبي وضع لوائح سوداء للمشتبه بهم بمعزل عن الأمم المتحدة. كما يعتبر التقرير ان الطريقة التي وضعت بها اللوائح تخالف المعايير المعتمدة في الاتحاد الأوروبي للعدالة.
وإلى لوائح مراقبة الإرهاب التي نسفت القاعدة الأساسية في العدالة وعاقبت على النيات واخذاُ بالشبهات، (في ما يشبه تطبيقاً للأحكام العرفية والطوارئ)، عمليات الترحيل القسرية للمهاجرين واللاجئين السياسيين، فقد نبّه تقرير لمنظمة العفو الدولية صاتدر في يونيو / حزيران 2008 إلى أنه لم يُتخذ أي إجراء يحول دون مزيد من المشاركة الأوروبية في عمليات الترحيل والاعتقال السرية، ودعا إلى إجراء تحقيقات مستقلة بصورة عاجلة.
ويلقي تقرير منظمة العفو الدولية "حالة الإنكار: دور أوروبا في عمليات الترحيل والاعتقال السرية" مزيداً من الضوء على حجم الدور الأوروبي في برامج الترحيل والاعتقال السرية الأميركية، وعلى استمرار تقاعس الدول الأوروبية عن الاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبها مواطنوها أو ارتُكبت على أراضيها، أو إجراء تحقيقات فيها.
وقالت منظمة العفو الدولية إن "الحكومات الأوروبية تعيش حالة إنكار وما فتئت تتحاشى الحقيقة لمدة أطول مما يجب"، وأضافت "إن مشاركتها في عمليات الترحيل والاعتقال السرية تتعارض بشكل صارخ مع مزاعمها بأنها جهات فاعلة تتحلى بروح المسؤولية في الحرب على الإرهاب".
وفي بريطانيا يدور جدل بشان مشروع قانون يصنّف المتطرف لا ارتكازاً على أفعاله فحسب او على نيات جرمية وإنما على معتقداته التي من ضمن ما تشمل اعتبار شخص ما متطرفاً إذا كان يؤيد العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما حدا بمسؤولين سابقين في اجهزة الاستخبارات البريطانية إلى التحذير من مخاطر هذه السياسة الأمنية التي لن تجلب الأمن إلى بريطانيا إذا استمرت في تجاهل الدوافع الحقيقية للعنف، خصوصاً ان قانون مكافحة الإرهاب البريطاني مع كل التعديلات التي طرات عليه والتي اجازت التوقيف الاحتياطي لمدد تطول بحق مشتبه بهم قد عدّ انتهاكاً جديداً لحقوق الإنسان.
وفي سياق آخر ولكنه متعلق، حكمت المحكمة العليا في الدنمارك أخيراً على ستة دنماركيين بالسجن لبيعهم قمصانا لصالح القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المدرجتين على قائمة الاتحاد الاوروبي للمنظمات الارهابية، مع العلم ان الجبهة الشعبية مثلاً ممثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية التي يتعامل معها الاتحاد الأوروبي بصفتها شرعية، ولديها نواب في المجلس التشريعي، وهي توقفت عن ممارسة العمل العنفي خارج الأراضي المحتلة منذ اكثر من ثلاثة عقود على الأقلّ. المحكمة ارتكزت ضمن ما ارتكزت على تقارير لمنظمتين حقوقيتين عالميتين هما هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تعتبر ان المنظمتنين المذكورتين قامتا بأفعال إرهابية.
مهما كان من امر هذه الإجراءات والسلوكيات التي ينتقدها المدافعون عن الحريات المدنية واالناشطون السياسيون في الغرب، وبمعزل عن الرؤى المسطّحة والبيروقراطية لبعض كبريات جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، فإن الأكيد هو أنها تؤشر على مدى الضرر الذي الحقته الحرب على الإرهاب بحق الديمقراطيات الغربية والتشويه الذي اصاب مفهوم القانون في الغرب بحيث اصبح من السهل تطويعه لكي يتم تحت ستاره ارتكاب ما كان يعتبر في السابق من المعصيات.
وإذا كان باراك اوباما مثّل بالنسبة للكثيرين من حمائم الديمقراطية الغربية نهاية كابوس حقيقي هدّد أفكارهم يوماً ما، فإنه ربما على هؤلاء قبل غيرهم ان يلتفتوا إلى حقيقة ان السياسات التي اورثتها حقبة الحرب على الإرهاب لا تزال قائمة بل هي تشتد وتطال باسم هذه الحرب حقوق المهاجرين والمواطنين على حدّ سواء في الدول الغربية.
هذا ما أنتج عشرات قوانين مكافحة الإرهاب وتعديلاتها التي كانت نتيجتها الاولى تراجعاً في الحريات العامة وإدخال الرقابة إلى مجمل دوائر العمل العام وحتى الحياة الخاصة للمواطنين.
وبالحديث عن الولايات المتحدة وقوانين مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي ولوائح المشتبه بهم التي تضمّ مئات آلاف الأشخاص الذين لم يصدر بحقهم حكم واحد يدينهم او يجرّمهم بل هم مجرد مشتبه بهم، فقد استطاعت إدارة الرئيس السابق جورج بوش ان تحوّل هذا البلد إلى سجن كبير مراقب بشكل محكم.
تكفي الإشارة إلى لائحة المراقبة التي تعدّها إدارة امن النقل في الولايات المتحدة الأميركية Transportation Security Administration TSA والتي تثير جدلاً في الأوساط الأميركية ولا سيما الصحافية وبين جماعات حقوق الإنسان والحريات المدنية.
فهذه اللائحة السابقة على احداث 11 سبتمبر تضخمت بعد هذا التاريخ وانطلاق "الحرب على الإرهاب" لتشمل اكثر من مليون شخص داخل وخارج الولايات المتحدة بمعدل زيادة 20 الف اسم شهرياً. _تضخمت اللائحة من 158 ألف في العام 2004 إلى 754 ألف في مايو / ايار من العام الماضي – USA Today-. وفي حين ان الـ FBI ومسؤولين حكوميين يقولون إنها تضم فقط 400 الف اسم بل إن مسؤولاً في TSA هو كيب هاولي يقول إنها لا تضم أكثر من 50 الفاً، إلا ان القضية تبقى المعايير التي يتم على اساسها إدارج الأسماء والتي اقل إجراء متخذ هو منعها من السفر او ركوب الطائرات. وتُتخذ هذه الإجراءات دون أي مذكرات اتهام يوجّهها القضاء بل عبر اقنية امنية بحتة. وغالباً ما يتم إدراج اسماء مرموقة على هذه اللائحة.
هذا غيض من فيض في اميركا لكنه يشير إلى الاتجاه الذي كان طاغياً في المرحلة السابقة، والذي لن ينهيه قرار باراك اوباما إغلاق معتقل غوانتنامو على اهمية هذا القرار.
وفي اوروبا، ليست الصورة بأفضل كثيراً، فقد سبق لمحكمة العدل الأوروبية أن وجّهت تحذيرا للاتحاد الأوروبي لتجاهله كفالة حقوق المتهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب وحرمانهم من حق الدفاع عن أنفسهم. وقررت المحكمة أن المتهمين الواردة أسماؤهم في اللائحة السوداء للأمم المتحدة، لهم حق الاستئناف لنقض الحكم أمام محكمة أوروبية. كذلك صدر تقرير عن مركز شاتهام يشير إلى انه أنه ومنذ 6 سنوات وحتى الان لم تنجح الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي في إرساء معايير مشتركة ومقبولة وعادلة للتعامل مع المشتبه بتورطهم في الإرهاب. ويشير التقرير إلى ان الاتحاد الأوروبي وضع لوائح سوداء للمشتبه بهم بمعزل عن الأمم المتحدة. كما يعتبر التقرير ان الطريقة التي وضعت بها اللوائح تخالف المعايير المعتمدة في الاتحاد الأوروبي للعدالة.
وإلى لوائح مراقبة الإرهاب التي نسفت القاعدة الأساسية في العدالة وعاقبت على النيات واخذاُ بالشبهات، (في ما يشبه تطبيقاً للأحكام العرفية والطوارئ)، عمليات الترحيل القسرية للمهاجرين واللاجئين السياسيين، فقد نبّه تقرير لمنظمة العفو الدولية صاتدر في يونيو / حزيران 2008 إلى أنه لم يُتخذ أي إجراء يحول دون مزيد من المشاركة الأوروبية في عمليات الترحيل والاعتقال السرية، ودعا إلى إجراء تحقيقات مستقلة بصورة عاجلة.
ويلقي تقرير منظمة العفو الدولية "حالة الإنكار: دور أوروبا في عمليات الترحيل والاعتقال السرية" مزيداً من الضوء على حجم الدور الأوروبي في برامج الترحيل والاعتقال السرية الأميركية، وعلى استمرار تقاعس الدول الأوروبية عن الاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبها مواطنوها أو ارتُكبت على أراضيها، أو إجراء تحقيقات فيها.
وقالت منظمة العفو الدولية إن "الحكومات الأوروبية تعيش حالة إنكار وما فتئت تتحاشى الحقيقة لمدة أطول مما يجب"، وأضافت "إن مشاركتها في عمليات الترحيل والاعتقال السرية تتعارض بشكل صارخ مع مزاعمها بأنها جهات فاعلة تتحلى بروح المسؤولية في الحرب على الإرهاب".
وفي بريطانيا يدور جدل بشان مشروع قانون يصنّف المتطرف لا ارتكازاً على أفعاله فحسب او على نيات جرمية وإنما على معتقداته التي من ضمن ما تشمل اعتبار شخص ما متطرفاً إذا كان يؤيد العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما حدا بمسؤولين سابقين في اجهزة الاستخبارات البريطانية إلى التحذير من مخاطر هذه السياسة الأمنية التي لن تجلب الأمن إلى بريطانيا إذا استمرت في تجاهل الدوافع الحقيقية للعنف، خصوصاً ان قانون مكافحة الإرهاب البريطاني مع كل التعديلات التي طرات عليه والتي اجازت التوقيف الاحتياطي لمدد تطول بحق مشتبه بهم قد عدّ انتهاكاً جديداً لحقوق الإنسان.
وفي سياق آخر ولكنه متعلق، حكمت المحكمة العليا في الدنمارك أخيراً على ستة دنماركيين بالسجن لبيعهم قمصانا لصالح القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المدرجتين على قائمة الاتحاد الاوروبي للمنظمات الارهابية، مع العلم ان الجبهة الشعبية مثلاً ممثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية التي يتعامل معها الاتحاد الأوروبي بصفتها شرعية، ولديها نواب في المجلس التشريعي، وهي توقفت عن ممارسة العمل العنفي خارج الأراضي المحتلة منذ اكثر من ثلاثة عقود على الأقلّ. المحكمة ارتكزت ضمن ما ارتكزت على تقارير لمنظمتين حقوقيتين عالميتين هما هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تعتبر ان المنظمتنين المذكورتين قامتا بأفعال إرهابية.
مهما كان من امر هذه الإجراءات والسلوكيات التي ينتقدها المدافعون عن الحريات المدنية واالناشطون السياسيون في الغرب، وبمعزل عن الرؤى المسطّحة والبيروقراطية لبعض كبريات جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، فإن الأكيد هو أنها تؤشر على مدى الضرر الذي الحقته الحرب على الإرهاب بحق الديمقراطيات الغربية والتشويه الذي اصاب مفهوم القانون في الغرب بحيث اصبح من السهل تطويعه لكي يتم تحت ستاره ارتكاب ما كان يعتبر في السابق من المعصيات.
وإذا كان باراك اوباما مثّل بالنسبة للكثيرين من حمائم الديمقراطية الغربية نهاية كابوس حقيقي هدّد أفكارهم يوماً ما، فإنه ربما على هؤلاء قبل غيرهم ان يلتفتوا إلى حقيقة ان السياسات التي اورثتها حقبة الحرب على الإرهاب لا تزال قائمة بل هي تشتد وتطال باسم هذه الحرب حقوق المهاجرين والمواطنين على حدّ سواء في الدول الغربية.
1 comment:
ذكرني المقال بفيلم بريطاني ظهر من عامين واسمه
BRITZ
كتبه وأخرجه
PETER KOSMINSKY
الترجمة الفرنسية لاسم الفيلم كانت
بذور الغضب
Les graines de la colère
الفيلم يمزج بين الواقع والخيال وهو من جزئين يحكي قصة سهيل وأخته نسيمة المولودين في بريطانيا من عائلة مهاجرة من باكستان
من جملة ما يحكي عنه الفيلم تأثير تفجيرات أنفاق لندن عام 2005 على كل واحد منهما بصورة مختلفة وما تبعها من تشديد في الإجراءات والتدابير الأمنية
أنصح بحضور هذا الفيلم لأهميته وترابطه مع هذا المقال
Post a Comment