Friday, July 6, 2007

الرأي الآخر: محمد بوكرين


علي أنوزلا 1

محمد بوكرين، تذكروا هذا الإسم جيدا، ولا تستغربوا أن تكتب غدا تقارير المنظمات الحقوقية الدولية أن بوكرين هو شيخ المعتقلين السياسيين، ليس في المغرب فحسب وإنما في العالم. فهذا الشيخ الطاعن في النضال الذي عبر عقده الثامن مجتازا زنازين المعتقلات في عهد ثلاثة ملوك صدر أول أمس حكم ضده بالسجن سنة نافذة، كاملة غير ناقصة، بتهمة المس بالمقدسات 2

محمد بوكرين، هذا الاسم يختزل تاريخ الاعتقالات السياسية في عهد ثلاثة ملوك وبرودة الزنازين طيلة خمسة عقود، فقد ظل ينزل عليها ضيفا منذ عهد السلطان محمد الخامس مرورا بعهد الملك الحسن الثاني وانتهاء بعهد الملك محمد السادس. وعندما يكتب غدا مؤرخ نزيه عن التهمة التي أدين بها بوكرين ورفاقه، سيصعب عليه، أولا، شرح هذه التهمة لقرائه لأن تقديس البشر انتهى منذ عهد العقود الوسطى، وثانيا، سيجد حرجا كبيرا في تفسير أن محكمة أصدرت قرارا بسجن رجل بلغ من الكبر عتيا بتهمة هلامية هي المس بالمقدسات
لم أقرأ حيثيات الحكم التي استندت إليها هيئة المحكمة في إصدار حكمها هذا على رجل طاعن في السن بتهمة هي أقرب إلى الشبهة منها إلى الجريمة الموصوفة، لأنه بجريرة هذه الشبهة يمكن أن تساق كل التهم وتبرر كل الأحكام مهما كانت ظالمة وغير عادلة عندما قررت هيئة الإنصاف والمصالحة فتح شاشة التلفزيون لبوح ضحايا الانتهاكات الجسيمة في سنوات الجمر والرصاص 3، اكتشف المشاهدون سخافة التهم التي كانت تلصق بالضحايا لتسلخ سنوات طويلة من عمرهم داخل زنازين النظام الباردة وعندما تقرأ أجيال الغد ما سيكتبه المحللون عن محاكمة بوكرين ستكتشف تناقض الشعارات التي ترفعها الدولة اليوم حول دولة الحق والقانون واستمرار الاعتقالات السياسية باسم المس بالمقدسات
تهمة بوكرين الحقيقية هي تمسكه بحقه في التعبير عن رأيه بحرية، لم تثنه عن ذلك سنوات القمع الذي تعرض له طيلة مسيرته السيزيفية مدافعا عن الحق، مطالبا بالعدالة ومبشرا بالحرية، ولم يزده ظلام الزنازين إلا عنادا وصلابة في وجه جلاديه. من المفارقة أن يزج برجل طاعن في السن في غياهب السجون بتهمة المس بالمقدسات، في الوقت الذي تسكت فيه محاكم المملكة وقضاتها عن فضيحة تفويت وقف من أوقاف المسلمين بسعر رمزي لمدير الكتابة الخاصة للملك، أو ليس التصرف في وقف المسلمين بدون وجه حق أكبر من المس بالمقدسات؟ لأن فيه انتهاكا لقيمة جوهرية هي الحق، وعندما يكون هذا الحق جماعيا، يعود إلى أمة بكاملها، فإن التهمة تصبح أكبر والإدانة أقرب

وإذا كانت هناك من قيمة توجب التقديس فهي قيمة الحق، ومن يقدس هذه القيمة يستحق التقدير والاحترام. وبوكرين يستحق منا التقدير والاحترام لأنه يدفع ما تبقى من سنوات عمره (أمده الله) قربانا لهذه القيمة التي ستجعلنا نتذكره كلما تركناها تضيع منا، أما تقديس البشر فهو إلى زوال

-------------------------
1 صحفي بجريدة المساء المغربية التي تميزت في الآونة الأخيرة بنبرة عالية وصراحة غير معهودة
2 هذه التهمة في القانون المغربي تعني المساس بالدين أوالملكية أو الوحدة الوطنية، وهي تطلق عادة على كل ما يمس شخص الملك
3 تطلق الصحافة المغربية تعبير سنوات الرصاص أو مقابله الفرنسي (Annees de plomb) على مرحلة امتدت من منتصف الستينيات إلى الثمانينيات عرف فيها المناضلون اليساريون وتنظيماتهم أقسى أشكال الاضطهاد والتنكيل. ثم شهدت الحياة السياسية والحقوقية عموماً تحسناً ملحوظا منذ أواخر التسعينيات إلا أن ظاهرة الاعتقال السياسي لم تختف تماماً

روابط ذات صلة

http://almasae.info/
http://www.almounadil-a.info/
http://ar.padsmaroc.com/
http://www.omdh.org/

No comments: