Monday, July 16, 2007

هزيمة المنتصرين... "انتصار" المهزومين

«استراحة داخل القذيفة» خلال معرض في عيثا الشعب لقذائف أطلقتها الطائرات
الإسرائيلية وأسلحة غنمها مقاتلو حزب الله في حرب تمّوز (محمود زيّات - أ ف ب
جريدة الأخبا
ر

ملخص لمقال راجح الخوري-جريدة النهار

عام على عدوان اسرائيل الوحشي الذي اتخذ شكل اعصار تدميري. لكنه قياسا بالفشل الذريع الذي اصاب أهدافه تحول انتصارا محققا
لـ"حزب الله" ضاعف من رصيد المقاومة التي كانت قد تمكنت في 24 ايار من عام 2000 من ان تلحق اول هزيمة ناجزة باسرائيل عندما اجبرتها على الانسحاب من الجنوب.
كان النصر اعجازيا رغم تكاليفه الباهظة. وكان في نظر "حزب الله" "نصرا الهيا". ولكن مهما تكن الصفة المعطاة له، فان تداعياته داخل الثقافة العسكرية التي قام عليها الجيش الاسرائيلي، وكذلك داخل سيكولوجيا المجتمع في اسرائيل، كانت اكبر بكثير من نتائجه الميدانية.
لكن المفارقة المذهلة التي تدعو الى التأمل فعلا تبدو الآن من خلال مقارنة بسيطة بين ما حصل في اسرائيل منذ عام وما حصل في لبنان. حيث يمكن القول ان العدو الذي خرج مهزوما من حرب 12 تموز إنكب على معالجة نتائج هزيمته في المجالين السياسي والعسكري وشكّل لجنة "فينوغراد" لتحديد المسؤوليات بما يساعده تاليا على اصلاح الخلل والأخطاء.
في المقابل دخل لبنان المنتصر عبر صمود "حزب الله" في أزمة متفاقمة عطلت دورة الحياة السياسية الطبيعية فيه، وادخلته في اتون من الانقسام السياسي الحاد الذي رافقه نزف قاتل في الاقتصاد وفي هجرة الكفاءات.
يمكن اختصار هذا التناقض بالقول، ان الذين هزموا في اسرائيل انتصروا على ما اصابهم من السلبية والاذى، اما الذين انتصروا في لبنان فقد قفزوا الى هزيمة ما زالت تجرجر اذيالها منذ ثمانية اشهر ونيف تقريبا، وليس من الواضح انها ستعرف نهاية قريبة.
ففي ظل الخلافات الجذرية العاصفة على الحكومة وقبلها طبعا على المحكمة الدولية، ثم الآن على الاستحقاق الرئاسي، يبدو لبنان تائها في نفق ازمة معقدة لا تنهكه فحسب بل قد تدفعه نحو مزيد من التناحر، الذي قد تؤججه نحو مزيد من التناحر، الذي قد تؤججه اي انفجارات اقليمية، يزداد خطرها اولا في ظل الاحتمالات الصاعقة في العراق لجهة اي انسحاب اميركي مفاجىء، وثانيا في ظل الاحتمالات الكارثية لجهة قيام اميركا واسرائيل بتوجيه ضربة الى المواقع النووية الايرانية.

ولكن السؤال الجوهري الذي يجب ان يطرحه اللبنانيون في ذكرى الحرب هو:
لماذا تحول الانتصار على اسرائيل هزيمة داخلية في لبنان تجعلنا نجرجر اذيال الازمة التي تستعصي على الحلول والمبادرات والمساعي، وهو ما ستكون عليه الحال في "اللقاء الحواري" في سان كلو حتما؟
بصراحة كلية، ان محاولة توظيف الانتصار على اسرائيل في الداخل اللبناني وعبر اجراء تغييرات حاسمة في التوازنات الداخلية، هو الذي اشعل حربا سياسية تشل لبنان منذ ثمانية اشهر، ومن المؤكد انها لن تنتهي بمنتصر قط لأن الكل سيخرج منها مهزوما!
بصراحة اكثر، ان الانتصار على اسرائيل الذي سرعان ما اعتبرته ايران وسوريا انتصارا على اميركا ايضا (وليس لنا ان نعترض على هذا اطلاقا) لم يكن من المنطقي او المفهوم ان يتحول انتصارا يجب ان تكون له مفاعيله السياسية الداخلية في لبنان، وتحديدا عبر المسارعة الى قلب الطاولة الحكومية، انطلاقا من شعارات غير واقعية وغير عادلة افترضت ان اسقاط انتفاضة التغيير و"ثورة الارز"، انما هو ترجمة عملية للانتصار المتحقق على اميركا عبر هزيمة اسرائيل!

عظيم. صدقا ليس هناك من يعترض على افشال المشروع الاميركي، ولكن ثمة اعتراض حاسم وكبير على افتراض ان اسقاط الحكومة اللبنانية هو افشال للمشروع الاميركي، وان اجهاض المحكمة الدولية هو ايضا اجهاض لهذا المشروع!
وعندما يقال في طهران: يجب ان نهزم اميركا في لبنان، فهل يعني هذا بالضرورة خربطة التوازنات السياسية اللبنانية، على افتراض ان كل من هو خارج تجمع 8 آذار يشكل انتدابا اميركيا مستوردا الى لبنان؟


No comments: