وائل عبد الرحيم
كأنه لا يكفي المصريين أن يواجهوا يومياً مصاعب الحياة والفقر والقمع وفساد النظام السياسي الاجتماعي حتى يعود الإرهاب الغبيّ ليستهدف عاصمتهم.
الانفجار الذي ضرب منطقة الحسين الأحد جاء بعد ثلاثة أيام فقط من الإفراج عن أيمن نور، حدثٌ رغم التساؤلات التي تحيط به أرخى ظلال ارتياح نسبي على بعض من جوانب الحياة السياسية في القاهرة.
من الطبيعي جداً أن يكون هذا التفجير مثار استنكار الجميع في مصر وخارجها، وبغضّ النظر عن التحليلات الأمنية والاستخباريّة بشأن من يقف وراء هذا العمل، فإن الجزئية المهمة من الصورة قد تكون في المعاناة اليومية التي يعيش فيها عشرات ملايين المصريين، الأغلبية الساحقة القابعة على مسافات قريبة جدا من خط الفقر، وأحيانا تحت هذا الخط، في ظل غياب تنمية اقتصادية وبشرية مقبولة.
ففي تقريرها عن التنمية البشرية لعام 2007 ذكرت الأمم المتحدة أن 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، لتبقى مصر في المركز 111 بين دول العالم الأكثر فقرًا.
وذكر التقرير أيضاً أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر عند مستوي إنفاق دولار واحد في اليوم تبلغ 3.1%، بينما تبلغ نسبة مستوي إنفاق دولارين في اليوم 43.9%.، وهي نسب مهولة إذا أخذنا بالاعتبار أن تعداد الشعب المصري يفوق الثمانين مليوناً.
فضلاً عن الشعور بسحر هذه المدينة التي يحكي كلّ شارع فيها صفحة من التاريخ الحديث والقديم، وإلى طيبة ناسها وعفويتهم، لا بدّ لزائر القاهرة أن يلاحظ فوضى عارمة تختصر كل تفاصيل الحياة العامة والخاصة للمصريين.هي فوضى بناء، وفوضى نمو، وفوضى في توزيع الثروات التي تنعم بها قلّة قليلة تحتكر السلطات والمال في ظل نظام اقتصاد مافيوزي ليس هو بالنظام الليبرالي الحرّ ولا بالاشتراكية المندثرة.
لكن اللافت للنظر أيضاً هو حجم اللامبالاة التي يعبّر عنها المصريون تجاه هيبة النظام التي لم يعد يكفي انتشار الأمن المركزي الدائم في المفترقات الرئيسة والفرعية لشوارع القاهرة ليحفظها.
لم يعد النظام قادراُ على فرض هيبته على الناس، وبات شتمً النظام على لسان الجميع وغير مموّه بالتفريق بين حكومة أحمد نظيف أو العائلة الرئاسية المالكة، بل يسمّون الأشياء بأسمائها. ومن مظاهر انهيار هيبة النظام انتشار ظاهرة تقاضي الإكراميات بشكل مفرط ليس بين العاملين في القطاعين الخاص والعام فحسب بل في أجهزة تنفيذية حسّاسة من مهامها حفظ الأمن في الداخل وعلى منافذ البلد. تجد هذا حتى في المطار!
كما يعامل المصريون نظام حكمهم، فهم لا يقدّرون أكثر أحزاب المعارضة التقليدية التي يراها الكثيرون الوجه الآخر لنظام الحكم الحالي، وفاقدة للصدقية في قضايا كثيرة لا تقف فقط عند حدود توريث الحكم وهو حديث الشارع اليومي، وإنتما تتخطاه لتضع علامات استفهام كبيرة حول شفافية هذه الأحزاب والفساد الذي لا يبدو أنها نجت منه هي الأخرى.
إذن "هي فوضى"، وغياب شديد الوضوح للعدالة، وأمور كثيرة بات الحديث عنها من البديهيات وجزءاً من تكرار رتيب.
ربما يكون انفجار الحسين حدثاً محدوداً في سياقه، لكنه يأتي كإشارة تحذير لمن يهمه الأمر عن المخاطر الحقيقية التي تتهدد "الأمن القومي" في مصر. فليست الأفكار هي التي تهدّد هذا الأمن الذي يحميه نظام طوارئ النظام، بل هي البيئة الخصبة لولادة أنواع كثيرة من التهديد الأكثر خطراً وأخطرها: اليأس.
الانفجار الذي ضرب منطقة الحسين الأحد جاء بعد ثلاثة أيام فقط من الإفراج عن أيمن نور، حدثٌ رغم التساؤلات التي تحيط به أرخى ظلال ارتياح نسبي على بعض من جوانب الحياة السياسية في القاهرة.
من الطبيعي جداً أن يكون هذا التفجير مثار استنكار الجميع في مصر وخارجها، وبغضّ النظر عن التحليلات الأمنية والاستخباريّة بشأن من يقف وراء هذا العمل، فإن الجزئية المهمة من الصورة قد تكون في المعاناة اليومية التي يعيش فيها عشرات ملايين المصريين، الأغلبية الساحقة القابعة على مسافات قريبة جدا من خط الفقر، وأحيانا تحت هذا الخط، في ظل غياب تنمية اقتصادية وبشرية مقبولة.
ففي تقريرها عن التنمية البشرية لعام 2007 ذكرت الأمم المتحدة أن 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، لتبقى مصر في المركز 111 بين دول العالم الأكثر فقرًا.
وذكر التقرير أيضاً أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر عند مستوي إنفاق دولار واحد في اليوم تبلغ 3.1%، بينما تبلغ نسبة مستوي إنفاق دولارين في اليوم 43.9%.، وهي نسب مهولة إذا أخذنا بالاعتبار أن تعداد الشعب المصري يفوق الثمانين مليوناً.
فضلاً عن الشعور بسحر هذه المدينة التي يحكي كلّ شارع فيها صفحة من التاريخ الحديث والقديم، وإلى طيبة ناسها وعفويتهم، لا بدّ لزائر القاهرة أن يلاحظ فوضى عارمة تختصر كل تفاصيل الحياة العامة والخاصة للمصريين.هي فوضى بناء، وفوضى نمو، وفوضى في توزيع الثروات التي تنعم بها قلّة قليلة تحتكر السلطات والمال في ظل نظام اقتصاد مافيوزي ليس هو بالنظام الليبرالي الحرّ ولا بالاشتراكية المندثرة.
لكن اللافت للنظر أيضاً هو حجم اللامبالاة التي يعبّر عنها المصريون تجاه هيبة النظام التي لم يعد يكفي انتشار الأمن المركزي الدائم في المفترقات الرئيسة والفرعية لشوارع القاهرة ليحفظها.
لم يعد النظام قادراُ على فرض هيبته على الناس، وبات شتمً النظام على لسان الجميع وغير مموّه بالتفريق بين حكومة أحمد نظيف أو العائلة الرئاسية المالكة، بل يسمّون الأشياء بأسمائها. ومن مظاهر انهيار هيبة النظام انتشار ظاهرة تقاضي الإكراميات بشكل مفرط ليس بين العاملين في القطاعين الخاص والعام فحسب بل في أجهزة تنفيذية حسّاسة من مهامها حفظ الأمن في الداخل وعلى منافذ البلد. تجد هذا حتى في المطار!
كما يعامل المصريون نظام حكمهم، فهم لا يقدّرون أكثر أحزاب المعارضة التقليدية التي يراها الكثيرون الوجه الآخر لنظام الحكم الحالي، وفاقدة للصدقية في قضايا كثيرة لا تقف فقط عند حدود توريث الحكم وهو حديث الشارع اليومي، وإنتما تتخطاه لتضع علامات استفهام كبيرة حول شفافية هذه الأحزاب والفساد الذي لا يبدو أنها نجت منه هي الأخرى.
إذن "هي فوضى"، وغياب شديد الوضوح للعدالة، وأمور كثيرة بات الحديث عنها من البديهيات وجزءاً من تكرار رتيب.
ربما يكون انفجار الحسين حدثاً محدوداً في سياقه، لكنه يأتي كإشارة تحذير لمن يهمه الأمر عن المخاطر الحقيقية التي تتهدد "الأمن القومي" في مصر. فليست الأفكار هي التي تهدّد هذا الأمن الذي يحميه نظام طوارئ النظام، بل هي البيئة الخصبة لولادة أنواع كثيرة من التهديد الأكثر خطراً وأخطرها: اليأس.
No comments:
Post a Comment