وائل عبد الرحيم
لا يمضي يوم في لبنان إلا ويتم اكتشاف عميل اسرائيلي او شبكة تجسّس.
وإذا كان ضبط شبكات التجسّس الإسرائيلية امر مهم ويسجّل ضمن إنجازات الأجهزة الأمنية، فإن مقاربة مختلفة للموضوع من غير زاوية امنية او اخلاقية تبدو ضرورية في مثل هذه الأيام التي يتطلّع فيها اللبنانيون إلى انتخابات قد تكون محطّة أساسيّة في ازمة النظام.
من نافل القول أن لبنان أصبح مكشوفاً على الصعيد الأمني. ووصلت الاختراقات الإسرائيلية بالتحديد إلى مستويات خطيرة حتى ضمن ما درجت دعاية حزب الله على وصفه بجمهور المقاومة، وبما لا يتناسب مع ارتفاع منسوب الوطنية، والخطاب المقاوم الذي من المفترض أن يكون هو السائد بعد نصر تموز / يوليو 2006.
مرة اخرى، حسناً تفعل الأجهزة الأمنية الرسمية، وربما معها جهاز امن المقاومة، إذ تنقضّ على العملاء في سياق الحرب مع الإسرائيلي الساعي الى الانتقام للخسارة المهينة التي ألمّت به في قتال 2006، وقبل ذلك انسحابه المذلّ من الجنوب اللبناني في أيار 2000.. لكن كل ذلك يجب ان لا يحجب عن الأذهان سؤالا ربما يكون على قدر من الأهمية توازي ما يُطرح من استراتيجيات دفاعية ومشاريع مقاومة.
هل لبنان اليوم، دولة وشعباً ووطناً محصن في وجه محاولات الاختراق الإسرائيلية؟
الإجابة على هذا السؤال، تستدعي قراءة للأوضاع السياسية في لبنان من حيث انعكاسها على توجّهات الناس المصطفين قطعاناً في طوائفهم.
والحال انه بين الأيارين، أيار التحرير عام 2000، وايار الانتكاس الوطني عام 2008، حصلت متغيرات خطيرة انعكست سلباً على التماسك الاجتماعي والوطني، كان أبرزها عودة الحرب الأهلية إلى البلاد وإن بشكل غير معلن.
وربما تكون الاغتيالات التي طاولت فريقاً سياسياً بعينه، وتتويج هذه الاغتيالات باللجوء الصريح إلى استخدام السلاح في النزاع الداخلي في ايار 2008، قد خلفت أثراً لا يمكن ان ينمحي بسهولة في العلاقات بين المكوّنات الطائفية للوطن اللبناني.
أتذكّر جيّداً كيف انه بعيد احداث ايار 2008، كنت اناقش "مواطناً" "مستنفراً" و"حاقداً" وساعياً إلى تحقيق "ثأره" من "الشيعة" الذين "انتهكوا حرمة مدينته وطائفته". كانت حجّتي ان كل خروج على الدولة يقابل بخروج عليها، وان المطالبين بسيادة منطق الدولة لا يتّجهون إلى عقلية الثأر والسلاح حتى لو برّروا ذلك برد الفعل وردّ الفعل المضاد، وإنه ضمن ما يجب اعتباره بكثير من العناية الأولويات الوطنية التي تفترض من اللبنانيين ان يرسّخوا العداء لإسرائيل في صميم سلوكياتهم السياسية.
فاجئني هذا المواطن الذي سبق له ان انخرط خلال الحرب الأهلية في فريق سياسي يعتبر العداء لإسرائيل جزءاً من عقيدته القومية، وحتى القتالية، بأن قال إن إسرائيل ليست هي الخطر اليوم، وإن جيشها حتى في عزّ اجتياح 82 لم يدخل إلى الفاكهاني على عكس ما فعلته قوى 8 آذار (استخدم تعبيراً يشبه التحدّث عن "الطائفة العدو").
هذا الجواب يعيدنا أيضاً وأيضاً إلى بدايات الحرب الأهلية اللبنانية.
فمع ان شيئاً لا يبرّر لليمين اللبناني المهيمن طائفياً واجتماعياً وسياسياً آنذاك استنجاده بإسرائيل للدفاع عن امتيازات أثبتت السنوات انها سقطت إلى غير رجعة (ولن تعيدها المطالبة بصلاحيات رئيس الجمهورية)، إلا ان ممارسات المنظمات الفلسطينية الانفلاشية وخطاب التخوين مرتفع النبرة وشعارات العزل لم تساعد اليسار اللبناني في كسب مواقع متقدمة عند الجمهور المسيحي، بل على العكس خسر اليسار مواقع كانت تعتبر مهمة ونتاج سنوات طويلة من النضال المدني والنقابي، ودفعت بالمسيحيين إلى التكتل وراء قيادات متطرفة وإلى دعم الخيار الإسرائيلي بقوة بسبب الشعور بالخوف والتهديد.
7 أيار 2008، وما سبقه من اغتيالات، يضع طائفة بعينها في نفس دائرة الخطر، ويفتح الباب امام تهديد أكبر بكثير من شبكات تجسّس، هو تهديد الفتنة المذهبية يا سيّد حسن نصرالله، وهو إضعاف الشعور الوطني.
بعد هذا أيكون أيار 2008 تاريخاً مجيداً في لبنان، ويتراجع أيار 2000 إلى درك التأريخ المذهبي؟
وإذا كان ضبط شبكات التجسّس الإسرائيلية امر مهم ويسجّل ضمن إنجازات الأجهزة الأمنية، فإن مقاربة مختلفة للموضوع من غير زاوية امنية او اخلاقية تبدو ضرورية في مثل هذه الأيام التي يتطلّع فيها اللبنانيون إلى انتخابات قد تكون محطّة أساسيّة في ازمة النظام.
من نافل القول أن لبنان أصبح مكشوفاً على الصعيد الأمني. ووصلت الاختراقات الإسرائيلية بالتحديد إلى مستويات خطيرة حتى ضمن ما درجت دعاية حزب الله على وصفه بجمهور المقاومة، وبما لا يتناسب مع ارتفاع منسوب الوطنية، والخطاب المقاوم الذي من المفترض أن يكون هو السائد بعد نصر تموز / يوليو 2006.
مرة اخرى، حسناً تفعل الأجهزة الأمنية الرسمية، وربما معها جهاز امن المقاومة، إذ تنقضّ على العملاء في سياق الحرب مع الإسرائيلي الساعي الى الانتقام للخسارة المهينة التي ألمّت به في قتال 2006، وقبل ذلك انسحابه المذلّ من الجنوب اللبناني في أيار 2000.. لكن كل ذلك يجب ان لا يحجب عن الأذهان سؤالا ربما يكون على قدر من الأهمية توازي ما يُطرح من استراتيجيات دفاعية ومشاريع مقاومة.
هل لبنان اليوم، دولة وشعباً ووطناً محصن في وجه محاولات الاختراق الإسرائيلية؟
الإجابة على هذا السؤال، تستدعي قراءة للأوضاع السياسية في لبنان من حيث انعكاسها على توجّهات الناس المصطفين قطعاناً في طوائفهم.
والحال انه بين الأيارين، أيار التحرير عام 2000، وايار الانتكاس الوطني عام 2008، حصلت متغيرات خطيرة انعكست سلباً على التماسك الاجتماعي والوطني، كان أبرزها عودة الحرب الأهلية إلى البلاد وإن بشكل غير معلن.
وربما تكون الاغتيالات التي طاولت فريقاً سياسياً بعينه، وتتويج هذه الاغتيالات باللجوء الصريح إلى استخدام السلاح في النزاع الداخلي في ايار 2008، قد خلفت أثراً لا يمكن ان ينمحي بسهولة في العلاقات بين المكوّنات الطائفية للوطن اللبناني.
أتذكّر جيّداً كيف انه بعيد احداث ايار 2008، كنت اناقش "مواطناً" "مستنفراً" و"حاقداً" وساعياً إلى تحقيق "ثأره" من "الشيعة" الذين "انتهكوا حرمة مدينته وطائفته". كانت حجّتي ان كل خروج على الدولة يقابل بخروج عليها، وان المطالبين بسيادة منطق الدولة لا يتّجهون إلى عقلية الثأر والسلاح حتى لو برّروا ذلك برد الفعل وردّ الفعل المضاد، وإنه ضمن ما يجب اعتباره بكثير من العناية الأولويات الوطنية التي تفترض من اللبنانيين ان يرسّخوا العداء لإسرائيل في صميم سلوكياتهم السياسية.
فاجئني هذا المواطن الذي سبق له ان انخرط خلال الحرب الأهلية في فريق سياسي يعتبر العداء لإسرائيل جزءاً من عقيدته القومية، وحتى القتالية، بأن قال إن إسرائيل ليست هي الخطر اليوم، وإن جيشها حتى في عزّ اجتياح 82 لم يدخل إلى الفاكهاني على عكس ما فعلته قوى 8 آذار (استخدم تعبيراً يشبه التحدّث عن "الطائفة العدو").
هذا الجواب يعيدنا أيضاً وأيضاً إلى بدايات الحرب الأهلية اللبنانية.
فمع ان شيئاً لا يبرّر لليمين اللبناني المهيمن طائفياً واجتماعياً وسياسياً آنذاك استنجاده بإسرائيل للدفاع عن امتيازات أثبتت السنوات انها سقطت إلى غير رجعة (ولن تعيدها المطالبة بصلاحيات رئيس الجمهورية)، إلا ان ممارسات المنظمات الفلسطينية الانفلاشية وخطاب التخوين مرتفع النبرة وشعارات العزل لم تساعد اليسار اللبناني في كسب مواقع متقدمة عند الجمهور المسيحي، بل على العكس خسر اليسار مواقع كانت تعتبر مهمة ونتاج سنوات طويلة من النضال المدني والنقابي، ودفعت بالمسيحيين إلى التكتل وراء قيادات متطرفة وإلى دعم الخيار الإسرائيلي بقوة بسبب الشعور بالخوف والتهديد.
7 أيار 2008، وما سبقه من اغتيالات، يضع طائفة بعينها في نفس دائرة الخطر، ويفتح الباب امام تهديد أكبر بكثير من شبكات تجسّس، هو تهديد الفتنة المذهبية يا سيّد حسن نصرالله، وهو إضعاف الشعور الوطني.
بعد هذا أيكون أيار 2008 تاريخاً مجيداً في لبنان، ويتراجع أيار 2000 إلى درك التأريخ المذهبي؟
No comments:
Post a Comment