Tuesday, May 26, 2009

أصدقاء اليوم... أعداء الأمس

خالد برّاج

بينما كان أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي (الذي قال عنه ميشال عون على أثر إغتياله: أبصر بي شو مورّط) وأمين عام منظمة العمل الشيوعي في لبنان محسن إبراهيم يعلنان (وعلى إثر إحتلال جيش الدفاع الإسرائيلي لمدينة بيروت) من منزل القائد المعلم كمال جنبلاط إنطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) لتبدأ العمليات البطولية من صيدلية بسترس مروراً بمحطة أيوب وعشرات العمليات في مدينة بيروت وصولاً إلى إخراج جيش الإحتلال من العاصمة ومطاردته وتكبيده الخسائر في الجنوب و البقاع الغربي من خلال العمليات النوعية كعملية تدمير إذاعة العميل أنطوان لحد عام 85 وعملية جبل الشيخ عام 88 وعملية الريحان عام 89 والمئات المئات من العمليات النوعية التي أخذ يقل عددها خلال النصف الثاني من الثمانينات على أثر قيام قوى الظلامية و الأمر الواقع ويإيعازٍ مباشر من النظام السوري بتصفية 17 قيادياً شيوعياً (من مسؤولي جبهة المقاومة) و التنكيل بآلاف الشيوعيين وعائلاتهم في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، كان ميشال عون (الرجاء الاطلاع على الصورة) الذي يدّعي الآن حرصه على المقاومة والجنوب يتصافح و يتسامر و يأخذ الصور مع ضباط الجيش الإسرائيلي، وعندما قام صحافي بسؤاله عن تلك الصورة، ردّ "الجنرال" غاضباً كعادته قائلاً: "هيدا شي من الماضي بعدين انا كنت بالجيش ومجبور نسِق مع سلطة الاحتلال".

غريب أمر هذا "الجنرال" الذي كان يَعتبر المقاومة في أوجّ عملها خلال الثمانينات مغامرة لن تدرّ إلاّ الخراب على البلاد و هي تضرّ بالجنوب و الجنوبيين أكثر ممّا تفيدهم، و"الجنرال" لم ينكفئ عن هذا بل ظلّ على موقفه من المقاومة مع بروز نجم حزب الله كمقاومة إسلامية وانكفاء عمليات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية على اثر الاغتيالات التي طالت قيادييها و محازبيها.فالجنرال لم يترك مناسبة (و ذلك قبل توقيع وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر و حزب الله يوم 6 شباط 2006) إلاّ و أعلن انتقاده العلني و استهزاءه بالمقاومة الإسلامية واعتبار حزب الله تنظيماً سورياً/إيرانياً وعلى حدّ قوله بالعامية: "حزب الله هو امتداد لسياسة دولتين هني إيران وسوريا في لبنان وأعمالهن هني تحت مراقبة هل الدولتين...لمّا تتعالج سوريا بروح حزب الله من لبنان، و لكن إذا انضرب حزب الله بلبنان رح بضّل سوريا تورِدلنا حزب الله تاني وتالت ورابع و خامس".

لكن مواقف "الجنرال" في تلك الحقبة لا تعود مستغربة عندما نراجع أدبيات وخطابات حزب الله و السيِد حسن نصرالله (الذي لم يكن قد اصبح أميناً عام بعد) في عامي 1989 و 1990، و يكفي أن نعطي مثالاً على ذلك ما قاله السيّد حسن نصرالله عام 1989 في إحدى حسينيات برج البراجنة خلال حفل تأبين أحد شهداء المقاومة الإسلامية: " أمّا أنّ ميشال عون مشكلة، فلأنه حالة إسرائيلية صدامية تدميرية ولا يرى إلاّ مصالحه الشخصية ومصالح طائفته، فهو النهج الماروني العنصري بالشرقية". هذا كان رأي حزب الله بميشال عون خلال الحقبة الماضية أي قبل التوقيع على وثيقة التفاهم الشهيرة عام 2006.

البعض سوف يقول أنّه لا عداوات أو صداقات دائمة في السياسة و هو أمرٌ يدرّس في أوّل سنة علوم سياسية في الجامعات، لكن هل تلك النظرية محصورة فقط في النقاش السياسي الكلاسيكي المتمثل بصراع البرامج السياسية والموازنات والتعيينات الإدارية ؟ أو يمكن تطبيقها أيضاً في أمور تتعلّق بمصلحة الدولة و الاتهام بالعمالة والخيانة؟ الواضح أنّ حزب الله قرّر نسيان الماضي و سامح "الجنرال" على هفواته و أخطائه الماضية. و المعلوم أيضاً أنّ "الجنرال" أصبح مدافعاً شرساً عن سلاح المقاومة و مجتمع المقاومة و كل شيء يتعلّق بالمقاومة، لكنّ الغموض ما زال يحوم حول هذا التغيير الجذري في سلوك الطرفين، هل هناك وعود سياسية خفيّة لم تظهر إلى العلن بعد (غير وعود الرئاسة) أو أنّ "الجنرال" و "الحزب" قرّرا المضي كحلفاء 14 آذار بإعطاء براءات ذمة لبعضهم البعض و نسيان الماضي؟ أسئلة كثيرة بحاجة إلى أجوبة لكن بالتأكيد فإنّ أولى الأجوبة كان يوم 7 ايار 2008.

No comments: