Friday, January 16, 2009

ودائِماً نَراها عَبرَ عَيِنَيكَ أَيُّها الكُلِّيُّ النِّعمَة

وائل عبد الرحيم

عام انقضى على رحيلِكَ.. لا شيءَ تغيَّر يا أبا ميساء، فإنهم يقتلون شعبك. وإنّ شعبك يقاوم لأن لا مفرّ من مقاومة عدوّ عنصري اختار العالم الحرّ أن يشرّع إرهابه.
والرفاق الذين أودعتهم الأمانة وما بدّلوا لا يزالون يقاتلون ويُقتلون. حكموا على أحمد سعدات بـ30 سنة سجناً.. وليلة أمس قتلوا وزير داخلية حكومة حماس المنتخبة المُقالة سعيد صيام.
القمة العربية لم تُعقد.. عُقدت.. قد تُعقد.. فالصومال متردّدة، والإمارات بين تأكيد ونفي.. لكن هذا لن يفاجئك.
تسيبني ليفني دعت فلسطينيي الداخل الى المغادرة، واللجنة العليا للانتخابات الإسرائيلية منعت التجمع الوطني الديمقراطي والقائمة العربية الموحّدة من خوض الانتخابات التشريعية للكنيست لأن هذين الحزبين "يريدان إسرائيل دولة لكل مواطنيها" وليس دولة يهودية، حرفيّة تصريح ممثّل كاديما في اللجنة. جورج بوش الذي ودّعه "مواطن عراقي" بحذاء كاد يصيب رأسه يريدها أيضاً يهودية.
المثقفون العرب كما تركتهم يا أبا ميساء، بعضهم مصاب بالماويّة الثقافية يزايد فيخوّن ويَسهُل عليه أن يَتّهم بالعمالة، وبعضهم يتماهى مع الحكّام في شتم الشعب المقتول..
الشاباك يطارد الناشطين السياسيين في الداخل ويعتقلهم، ولكنهم بخير.. لا خوف عليهم، والأحزاب العربية وغير الصهيونية سيّرت تظاهرات في حيفا ويافا وأم الفحم وعرعرة النقب وسخنين، وفي كل بلدة وقرية عربية.. وفي الناصرة التي استعاد تلامذة توفيق زيّاد سيطرتهم على بلديتها انتخاباً تلاحمت مظاهرتا حداش والحركة الإسلامية..
كما ترى، الناس يقاومون الترانسفير الثقافي، ويستعدون لمقاومة الترانسفير السكاني، فالنسور جاهزون لكلّ زئيفي جديد. الموقف جيّد في الداخل لولا أن فتى ابن 15 عاماً قتل شقيقته العشرينية في قلنسوة قرب طولكرم.. "جريمة شرف".. فأضيف اسمها الى لائحة شهداء غزة الذين فاق عددهم الـ900.
غزة تحترق، والصور التي تنقلها الفضائيات أو تلك التي ترد عبر وسائل الاتصال الأخرى تُدمي القلوب.. هنالك من يبكي كلّ يوم.. البكاء ليس عيباً، تبكي النساء ويبكي الرجال ويبكي الجميع.. البكاء فعل حبّ أيضاً..
ولكن غزة تطلق بين الحين والآخر عشرة صواريخ أو عشرين.. والصواريخ في غزة أصبح لديها أسماء.. "قسّام" أشهرها، و"صمود" يعمل دون ضوضاء، وتوجد أسماء أخرى.. لم يسمّوا بعد صاورخاً مريم، نسأل النسور لماذا لا يسمّون صاروخاً شادية أبو غزالة.. سبقنا الروس فسمّوا صاروخهم كاترين ويغنّجونه كاتيوشا..
كان بعض منّا عندما بدأت المقتلة وقبلها وسيظلّ بعدها ينتقد مقاومة الصواريخ، وإمارة غزّة.. لن تفقدنا بشاعة المقتلة حسّنا النقدي وسنظل نفكر بحرية.. لكن حسّنا النقدي ذاته يريد أن تكون الطلقة الأخيرة في هذه المعركة صاروخاً تُرسله غزة بعد وقف إطلاق النار بدقيقة.. ولينفجر بعدها في سماء أشدود أو عسقلان لا مشكلة.
العالم العربي ليس بيده حيلة، تظاهرات وبكاء.. فليبكوا إن البكاء راحة للقلب والضمير.
في العالم "الحرّ" تظاهرات أيضاً.. تظاهرات لأحراره.. ليفني تحاول عولمة المقتلة باسم الحرب على الإرهاب.. والأحرار في العالم يسعون لعولمة فلسطين... لم تنته الحرب الإسبانية.
سمعنا أن "أستاذاً فرنسياً يهودي المنشأ وفاعلاً في التعاون بين جامعتي نيس وحيفا" قال إن "إسرائيل بلد خال من الأخلاق والشرف". اسمه أندريه نوشيه.
لن ينتهي الصراع، الجميع يريد أن ينتهي.. لكن إسرائيل التي مزّقت كل التزاماتها مع الفلسطينيين تستعد لانتخاب جابوتنسكي – نتنياهو.. المجتمع الإسرائيلي يتجّه أكثر فأكثر نحو اليمين. لا أفق لحلّ سلمي وسط.. لذلك لن ينتهي الصراع.. سيعلّم الآباء أبناءهم كيف يستفيدون من التجارب السابقة بأخطائها وإنجازاتها من أجل الاستعداد للحرب.. ليس لأنهم يريدون أن يحاربوا فقط، بل لأن عدوّهم لا يعيش إلا عبر الحروب.
إنني سمعت ان نساءً حواملَ اشترين لأجنتّهنّ سريراً ولحافاً وقرآنا وإنجيلاً و"رجال في الشمس" "وعائد إلى حيفا" وصورة كبيرة لمحمد محمود الأسود وكوفيّة حمراء و"دحيّة"... لا حاجة للكلاشينكوف، فالتجار الإسرائيليون يبيعون الإم 16 في السوق السوداء.. والنساء لا زلن على عاداتهنّ ببيع الحلي لشراء البواريد.
الوضع ليس مثالياً...هو لم يكن يوماً ولن يكون... لكن الحياة ستستمرّ، ومهما تكن مساحة الأمل في تضاؤل، إلا أن الموت هو البديل الوحيد المتوفّر لأؤلئك في الأرض المحتلّة.. موت بقنبلة الطنّ أو الفوسفور، أو "موت بصفعة من جنديّ على معبر".. عام انقضى على رحيلك، لا شيء نقوله إلا إننا لا نزال نرى فلسطين عبر عينيك يا جورج حبش.. سلمتا مغمضتين.

1 comment:

Arab Democracy said...

The protocols of the Elders of Zion has been discredited as a fake antisemitic document. Quoting them on your site isnt helpful.

If we are going to fight Zionist myths lets do it with the truth and with historical facts.